سوريا تكشف عن مشروعي «سيلك لينك» و«برق» بالشراكة مع السعودية والخليج لتحويل البلاد إلى مركز بيانات عالمي

كشفت وزارة الاتصالات السورية عن خطط طموحة تهدف إلى تحويل سوريا إلى عقدة رقمية إقليمية تربط بين قارتي آسيا وأوروبا، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي على البحر المتوسط. وفي تصريحات لوزير الاتصالات، عبد السلام هيكل، لمجلة «المجلة»، أكد أن البلاد تسعى لتجاوز سنوات الحرب وإعادة بناء بنيتها التحتية التكنولوجية عبر مشروعات ضخمة، على رأسها «سيلك لينك» و«برق».

مشروع «سيلك لينك»: ممر رقمي بين أوروبا وآسيا

يعد «سيلك لينك» مشروعًا إقليميًا للكوابل البحرية والألياف الضوئية، يربط سوريا والأردن والسعودية لتصبح سوريا بوابة الدخول من أوروبا، بينما يكون الخليج العربي بوابة الخروج إلى آسيا. ويهدف المشروع إلى جعل سوريا مركزًا لمراكز البيانات العالمية من خلال استقطاب شركات كبرى مثل «غوغل» لتوطين مخدماتها داخل البلاد، مما يوفر خدمات الحوسبة السحابية والتخزين المؤقت الإقليمي ويغير تجربة استخدام الإنترنت بشكل كامل.

وبحسب الوزير هيكل، فإن المشروع سيوفر سرعة استجابة عالية للمكالمات عبر الإنترنت والمعاملات المالية الرقمية والألعاب الإلكترونية والخدمات الحديثة التي تعتمد على تدفق البيانات السريع. ومن المتوقع أن يمتد «سيلك لينك» على طول 4500 كيلومتر، بطاقة تصل إلى 100 تيرابت/ثانية، مع ربط دمشق وحلب بمحطة إنزال للكابلات البحرية في طرطوس، إلى جانب نقاط اتصال مع العراق والأردن ولبنان وتركيا.

وتُقدر تكلفة المشروع بين 400 و500 مليون دولار، بتمويل من شراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث تبقى البنية التحتية ملكًا للدولة بينما يحصل المستثمرون على عوائد من تقديم الخدمات. وقد أبدت بالفعل عدة شركات إنترنت عالمية اهتمامًا بالمشاركة فيه.

مشروع «برق»: الألياف الضوئية إلى كل منزل

إلى جانب «سيلك لينك»، تعمل الوزارة على مشروع «برق» الذي يستهدف إيصال شبكة الألياف الضوئية (الفايبر) إلى جميع المنازل والمكاتب في سوريا، بتكلفة تصل إلى ملياري دولار. ويهدف المشروع إلى توفير خدمة إنترنت عالية الجودة وبناء اقتصاد حديث يعتمد على التكنولوجيا والاتصالات.

ولمواجهة النقص في الكفاءات البشرية الناتج عن سنوات الحرب، أعلن الوزير عن تأسيس «شركة تكنولوجيا وطنية» لتوطين التقنيات الرقمية، وتوفير بيئة عمل جاذبة للكفاءات السورية داخل البلاد وخارجها.

تحديث قطاع الهاتف النقال

أوضح الوزير هيكل أن شبكات الهاتف النقال الحالية تخدم نحو 16 مليون مشترك، لكنها لم تعد تلبي احتياجات عام 2025 التي ارتفعت بمعدل يصل إلى خمسين ضعفًا مقارنة بالتصميم الأساسي للشبكات في عام 2011. وأكد أن الوزارة بصدد تحديث شامل للقطاع، مع خطة جديدة تسمح بدخول مشغلين جدد وتقديم تقنيات أكثر تطورًا.

تعاون إقليمي ودولي

وأشار الوزير إلى أن عودة سوريا إلى الخريطة الرقمية تسير بشكل تدريجي، حيث تم إرسال قائمة تضم 400 شركة أمريكية تقدم خدمات رقمية غير متاحة حاليًا في سوريا، بسبب قيود الحجب والعقوبات. وبدأت بعض الشركات بالفعل بالاستجابة لهذه الدعوات، في خطوة تعكس بداية انفتاح رقمي جديد.

نحو مستقبل رقمي واعد

تسعى سوريا عبر هذين المشروعين إلى تجاوز سنوات العزلة الرقمية، والتحول إلى لاعب أساسي في البنية التحتية للبيانات عالميًا. وإذا ما نجحت في تنفيذ خططها بالشراكة مع السعودية والخليج، فقد تصبح البلاد مركزًا استراتيجيًا لتدفق البيانات، ما يفتح الباب أمام فرص اقتصادية وتقنية جديدة تعزز من مكانتها الإقليمية والدولية.

انعكاسات اقتصادية وتنموية

لا تقتصر أهمية مشروعي «سيلك لينك» و«برق» على البنية الرقمية فقط، بل تتجاوزها لتشمل الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة. فمع تحوّل سوريا إلى ممر رئيسي لحركة البيانات، يمكن أن تجذب البلاد استثمارات كبرى في قطاع التكنولوجيا، وتفتح المجال أمام شركات ناشئة محلية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية، والخدمات السحابية. هذا التحول سيساعد على خلق فرص عمل جديدة، ويعزز من مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي.

فرص للشباب والابتكار

يرى خبراء أن الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات لن يكون ذا جدوى كاملة ما لم يترافق مع تطوير رأس المال البشري. لذلك، فإن «شركة التكنولوجيا الوطنية» التي تحدث عنها الوزير قد تشكّل منصة لاحتضان المواهب السورية الشابة، وتوفير بيئة حاضنة للابتكار وريادة الأعمال. ومع عودة الكفاءات السورية من الخارج، يمكن بناء مجتمع رقمي يعتمد على المعرفة ويواكب التوجهات العالمية.

تحديات التنفيذ

رغم الطموحات الكبيرة، تبقى هناك تحديات واضحة أمام هذه المشاريع، أبرزها العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي قد تعيق استيراد المعدات والتقنيات المتطورة. إلى جانب ذلك، فإن الحاجة إلى استثمارات بمليارات الدولارات تتطلب بيئة استثمارية أكثر استقرارًا، وثقة أكبر من الشركاء الدوليين. كما أن البنية التحتية الداخلية المتضررة بفعل الحرب تستدعي جهودًا هائلة لإعادة تأهيلها قبل الانطلاق في مشاريع بهذا الحجم.

بوابة نحو عودة سوريا الرقمية

مع ذلك، فإن المؤشرات الأولى تدل على أن سوريا تسعى بجدية لتجاوز هذه التحديات، عبر شراكات إقليمية مع السعودية ودول الخليج، وفتح قنوات تواصل مع شركات عالمية كبرى. وإذا ما تمكنت من تحقيق هذه الخطوات، فقد تصبح البلاد بوابة رقمية بين الشرق والغرب، ومركزًا إقليميًا للبيانات والخدمات الرقمية.

تعيين الطفل سمير التركماني متحدثاً رسمياً لوزارة الإتصالات لجيله

"التقني الصغير" متحدثًا وزاريًا بسوريا!

اقرأ المزيد:

أصغر متحدث رسمي في سوريا.. من هو الطفل الذي عينته وزارة الاتصالات؟


🔹 خلاصة:
التحول الرقمي الذي تخطط له سوريا عبر مشروعي «سيلك لينك» و«برق» يمثل فرصة تاريخية لإعادة إدماج البلاد في الاقتصاد العالمي. نجاح هذه الخطط سيضع سوريا على خارطة الاتصالات العالمية، ويجعلها مركزًا استراتيجيًا لحركة البيانات، وهو ما قد يغير مستقبلها الاقتصادي والتكنولوجي في السنوات المقبلة.

5/5 - (4 أصوات)
Exit mobile version