
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن تطبيق “تيك توك” جدلاً كبيرًا على الساحة الدولية، خصوصًا في السياق الأمني والتكنولوجي المتنامي بين واشنطن وبكين. في هذا المقال، نستعرض أبرز ما كشفت عنه المعطيات حتى الآن، ونسلّط الضوء على أبرز النقاط التي لا تزال غامضة.
الإعلان والردود الأولية
في تصريح للصحفيين قبيل مغادرته البيت الأبيض متجهًا إلى بريطانيا، قال ترامب:
“لدينا اتفاق بشأن تيك توك، توصلت إلى اتفاق مع الصين” 1
لكنه امتنع عن كشف تفاصيل إضافية. وأشار إلى أنه سيتصل بالرئيس الصيني شي جين بينغ في 19 سبتمبر/أيلول 2025 من أجل استكمال الصفقة، مؤكدًا أن إعلان استحواذ رسمي على التطبيق سيتم قريبًا، مع وجود “مجموعة من الشركات الكبرى مهتمة بشرائها”.
هذا الإعلان يأتي بعد أيام من تصريح لوزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أكد فيه أنهم توصلوا إلى “اتفاق إطاري” مع الصين بخصوص تيك توك، مع التأكيد على أن إتمام الصفقة مرهون بموافقة الرئيسين الأمريكي والصيني.
حتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي صيني يُوضّح موقف بكين من هذا الإعلان، مما يضيف بعدًا من الشكوك على مدى التزام الطرف الصيني بالاتفاق المعلن.
خلفية النزاع والقانون الأمريكي
منذ أوائل 2025، دخل تيك توك في أزمات قانونية متتالية في الولايات المتحدة. في 19 يناير من تلك السنة، حُظر التطبيق في البلاد بناء على قانون يُلزم الشركة المالكة (ByteDance) ببيع حصتها إلى شركة أمريكية، وإلا ستتعرض لمنع التشغيل الكلي داخل الولايات المتحدة.
لكن ترامب، في أول يوم من عهده الجديد، وقّع أمرًا تنفيذياً يُعلّق هذا الحظر لمدة 75 يومًا، ثم مدّد التعليق لفترات إضافية لاحقًا. وقد برّر ترامب موقفه بأنه لا يؤيد الحظر التام، بل يسعى إلى جعل نصف التطبيق تقريبًا مملوكًا لشركة أمريكية لتلبية المتطلبات القانونية والأمنية.
أبرز تفاصيل الاتفاق المقترح
رغم الإعلانات، ما يزال الاتفاق في كثير من جوانبه غامضًا. لكن ما ظهر حتى الآن من مصادر موثوقة:
- التقييم المالي المقترح للتطبيق في السوق الأمريكية يقدر بنحو 14 مليار دولار. 2
- بموجب الاتفاق، ستُنشأ شركة مشتركة أمريكية تدير عمليات تيك توك في الولايات المتحدة، حيث تُسلّم السيطرة على الخوارزمية وإدارة البيانات إلى المستثمرين الأمريكيين، بينما تحتفظ ByteDance بحصة أقل من 20%. 3
- من المتوقع أن تضم قائمة المستثمرين شركات مثل Oracle وSilver Lake، فضلاً عن جهات خارجية مثل MGX التابعة لعائلة أبو ظبي المالكة.
- في الصفقة، ستشغّل Oracle دورًا أمنيًا في مراقبة تشغيل التطبيق داخل الولايات المتحدة، وستتحكم في إعادة بناء النسخة الأمريكية من خوارزمية التوصية.
- كما سينتقل جزء كبير من السيطرة التشغيلية إلى المجلس الإداري الجديد، الذي سيتكوّن من غالبية أعضاء أمريكيين، مع استثناء محدود لـ ByteDance في التمثيل. 4
التحديات والأسئلة المفتوحة
رغم الإعلان الرسمي، يظل هناك عدد من النقاط التي يراها الخبراء مفتاحية وغير محسومة:
🎯 هل تبحث عن طريقة فعالة للترويج لموقعك أو منتجك؟
📈 "سعيد ميديا" يستقبل آلاف الزوار شهريًا من جمهور مستهدف يهتم بالمحتوى العربي الرقمي.
✨ أعلن عبر موقعنا عبر إعلان مباشر أو مقال جيست بوست، واجعل علامتك التجارية تصل للأشخاص المناسبين في الوقت المناسب!
- موافقة الصين: حتى الآن، بكين لم تصدر تأكيدًا رسميًا بأن الاتفاق معترف به قانونيًا من جانبها، ما يثير تساؤلات حول التزامها بذلك. 5
- التحكم الكامل في الخوارزمية: إلى أي مدى ستنجح الولايات المتحدة في استبعاد أي نفوذ صيني من خوارزمية التوصية التي تُعد الإحساس الرئيس لمنصة تيك توك؟
- مصداقية الاستقلالية: في ظل احتفاظ ByteDance بحصة وحقوق معينة، هل ستتمكن الدولة الأمريكية من ضمان أن المنصة فعلاً خالية من التأثير الصيني؟
- التنسيق البرلماني والمراقبة: الكونغرس أعلن عزمه مراقبة الصفقة بدقة والتأكد من التزامها بالقانون، خاصة فيما يخص الفصل الفعلي بين ByteDance والإدارات الأمريكية الجديدة.
- تجربة المستخدم والتغييرات التقنية: قد يواجه المستخدمون تغييرات في أداء المنصة أو واجهة الاستخدام بناء على النسخة الجديدة، وهو أمر قد يؤثر على مدى قبول القاعدة الجماهيرية للتغييرات. 6
دلالات وتأثيرات محتملة
- إذا نجحت الصفقة، فإن تيك توك سيستمر في العمل داخل الولايات المتحدة مع ضمان شرعية أمريكية، وهو ما يُمكّنه من تفادي الحظر الكامل السابق.
- سيعزز هذا الاتفاق الحجة الأمريكية بأن السياسة التكنولوجية يجب أن تضمن أمن البيانات و التحكم الوطني في المنصات الرقمية ذات التأثير الجماهيري.
- من الناحية الاقتصادية، فإن الاستحواذ أو السيطرة الأمريكية على منصة تحظى بمئات الملايين من المستخدمين يمنح قدرات ضخمة في التوجه الإعلامي والتسويقي.
- من الناحية الدبلوماسية، يُعدّ هذا الاتفاق مؤشرًا على أن واشنطن وبكين قد تجدا نقاط التوافق حتى في القضايا الحساسة التكنولوجية، رغم التوترات التجارية والأمنية العميقة.
في الختام، إعلان ترامب عن الاتفاق حول تيك توك مع الصين قد يُمثل نقطة تحول في العلاقة بين الهيمنة التكنولوجية والسيادة الرقمية بين الدول الكبرى. لكن نجاح هذا التحول يعتمد على التنفيذ الدقيق، والالتزام القانوني، والتأكد من أن المنصة القادمة فعلاً تعمل بمعايير أمنية ومراقبة مستقلة.