مايكروسوفت تعلق خدمات سحابية لجيش الاحتلال بسبب التجسس على الفلسطينيين

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت شركة مايكروسوفت الأمريكية تعليق خدمات الحوسبة السحابية وأدوات الذكاء الاصطناعي التي كانت تقدمها لاستخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد الكشف عن استخدامها في عمليات تجسس واسعة على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

وجاء الإعلان عبر بيان رسمي نُشر على مدونة الشركة، حيث أكد رئيس مايكروسوفت، براد سميث، أن الشركة أوقفت وعطّلت مجموعة من الاشتراكات والخدمات التابعة لوحدة في وزارة الحرب الإسرائيلية، وذلك التزامًا بمبدأ عدم توفير تقنيات تسهّل “المراقبة الجماعية للمدنيين”، وهو ما تقول الشركة إنها تطبقه عالميًا.

خلفية التحقيق

القرار جاء عقب تحقيق استقصائي مشترك أجرته صحيفة الغارديان البريطانية ومجلة +972 الإسرائيلية في أغسطس/آب الماضي، كشف أن وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ”8200″ اعتمدت على منصة مايكروسوفت أزور (Azure) لتخزين ملايين المكالمات الهاتفية التي أجراها الفلسطينيون ضمن مشروع سُمّي “مليون مكالمة في الساعة”.

وقد أعلنت مايكروسوفت في 15 أغسطس أنها فتحت مراجعة داخلية للادعاءات، شملت السجلات التجارية والمالية والوثائق الداخلية دون الاطلاع على المحتوى المخزن.

نتائج المراجعة وقرار التعليق

أكدت الشركة أنها عثرت على أدلة تدعم بعض عناصر التحقيق، بما في ذلك استهلاك الاحتلال لسعة تخزين في هولندا واستخدامه لخدمات الذكاء الاصطناعي. وبناءً على ذلك، أبلغت مايكروسوفت إسرائيل بقرارها إيقاف وتعطيل الاشتراكات المحددة المرتبطة بالاستخبارات العسكرية، معتبرة أن ما جرى يمثل خرقًا لشروط الخدمة، لأنه يدخل ضمن نطاق المراقبة الجماعية غير المشروعة.

السياق الإنساني والسياسي

يأتي هذا القرار في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أمريكي مباشر، والتي أسفرت حتى الآن عن 65,502 شهيدًا و 167,376 مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى وقوع مجاعة أودت بحياة مئات الفلسطينيين بينهم عشرات الأطفال.

تصريحات براد سميث

في رسالة داخلية، شدد الرئيس التنفيذي للشركة على أن مايكروسوفت “ليست حكومة ولا دولة، بل شركة تضع معايير أخلاقية” تحدد كيفية استخدام خدماتها، في إشارة إلى التزامها بتجنب التورط في مشاريع تمس الحقوق المدنية والإنسانية.

دلالات القرار

قرار مايكروسوفت يشكل صفعة تكنولوجية لجيش الاحتلال، إذ تعتمد وحدة 8200 بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتخزين السحابي في عملياتها الاستخباراتية. كما يبرز في الوقت نفسه تصاعد الضغوط العالمية على شركات التكنولوجيا الكبرى لمراجعة دورها في النزاعات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان.

ويثير هذا الموقف تساؤلات حول مدى التزام باقي الشركات العملاقة مثل أمازون وغوغل بمعايير مماثلة، خاصة في ظل الانتقادات الواسعة لتورط بعض تقنياتها في دعم الاحتلال وممارساته.